أخيراً اتضحت ملامح الانتخابات الرئاسية بحسم الجدل حول ترشح المشير السيسى والاستقرار على بعض الأسماء الأخرى، ومن أبرزها الأستاذ حمدين صباحى والمحامى مرتضى منصور، انتهت رحلة طرح الأسماء وبدأت رحلة طرح البرامج، وهذا هو المهم والحاسم فى معركة انتخابات الرئاسة المقبلة، هناك عدة معايير لقبول البرنامج أو رفضه وهى أن يحمل إجابة عن الأسئلة المهمة فى حياة المواطن المصرى، من بينها إلى من سينحاز الرئيس المقبل؟ هل سينحاز للناس البسطاء الذين يقتاتون اليوم بيومه أم إلى السماسرة والمضاربين وتجار الصفقات السرية؟ ما هو المشروع القومى الذى سيطرحه ويتبناه ويلتف حوله الناس؟ ماذا سيفعل فى سيناء؟ ماذا سيفعل فى بطالة الشباب الحقيقية والمقنعة؟ كيف سيواجه العشوائيات، قنابل مصر الموقوتة والتى تفرز لنا كل ثانية مجرماً جديداً وغاضباً جديداً وحاقداً جديداً وفى كل الأحوال معذوراً جديداً فهو لم ير إلا القبح يحيط به من كل جانب ويسكن فى نخاعه ويفترس روحه؟ كل ما سبق وغيره سمعناه من مرشحى الرئاسة السابقين وأعتقد أننا سنسمعه من المرشحين الحاليين ولكن المهم أن ينتقل من خانة الكلام إلى خانة الفعل، لكن المسكوت عنه والمنسى والمهمل هو الكلام عن العلم فى برنامج الرئيس، بداية من التعليم وانتهاء بالبحث العلمى، بداية أود أن أشاهد فى حملات مرشحى الرئاسة علماء بجد، أود أن أرى كيميائياً وفيزيائياً وطبيباً وجيولوجياً، أريد أن أقرأ رؤاهم فى البرامج الانتخابية لمستقبل مصر، الذى لا يمكن أن يتشكل إلا بالعلم، نريد أن نقرأ عن تحويل معامل المدارس من جثث إلى حياة نابضة، نريد أن نجيب عن سؤال كيف تكون درجة اللغة العربية فى الثانوية العامة قسم علمى أعلى من درجة البيولوجى ليفقد طالب مجتهد كرسيه فى كلية الطب نتيجة أنه لم يعرف الاستعارة المكنية أو جمع المؤنث السالم؟! نريد رؤية العلماء فى برنامج الرئيس القادم وحلولهم واقتراحاتهم وإجاباتهم عن الأسئلة الصعبة المصيرية الرهيبة التى تواجه مصر، كيف لمصر التى تمتلك هذه الشواطئ المترامية وتطل على بحرين وتمتلئ بالبحيرات أن تعانى من أزمة سمكية؟ لماذا أصبحنا من متسولى العالم بعد أن كنا سلة العالم فى الحبوب والغذاء؟ ما مصير مناجم مصر الخرساء التى تبحث عن منقب يفك عقدتها ويحل شفرتها؟ وما مصير صناعات التعدين فيها؟ لماذا تدر البقرة فى هولندا لبناً يكفى عزبة ولماذا عندنا هى عجفاء ممصوصة كالمومياوات الفرعونية؟ لماذا عندنا أكثر من عشرين كلية هندسة ولا نستطيع صناعة موتور سيارة؟ لماذا كلية العلوم عندنا هى مقبرة الثانوية العامة وخبرها غير السار وجهازها الطارد المركزى؟ هل سنجد حديثاً عن هذه الأشياء التى لن تحل إلا بالعلم، أم أن العلم هو شىء زائد على الحاجة ووجع دماغ لا يتحمله البرنامج الانتخابى للرئيس؟